وكالة اخبارية عراقية مستقلة

الوجود الاميركي في الانبار .. براغماتية محلية في التعامل وازدواجية حكومية في القرارات

 

خام – الانبار: تشهد مدن  محافظة الأنبار غربي العراق تطورات متسارعة مؤخراً منها تسريبات عن قرب افتتاح قنصلية لواشنطن في ظل وجود مقرات ومعسكرات للقوات الأمريكية في عدد من مناطق المحافظة والتحركات الأمريكية الأخيرة في شوارع مدنها التي خرجت من أتون حرب ضارية أسفرت عن تدمير معظم بنيتها التحتية وتشريد ما يقرب من مليوني مواطن

وفي خضم دوامة الصراعات السياسية والأمنية التي شهدتها وتشهدها المحافظة يجد مسؤولون وشيوخ عشائر ووجهاء ومواطنون أنفسهم في وضع محير أمام غياب ملامح واضحة للمرحلة المقبلة فاختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض لوجود القوات الأمريكية برغم غلبة المؤيدين على بعض الأصوات المعارضة التي تحاول ارضاء حكومة بغداد

 

مسوغات واقعية

 

عضو مجلس محافظة الأنبار، كريم هلال الكربولي، نفى في حديث لمراسل “خام”، الأنباء التي تحدثت عن وجود مشروع لفتح قنصلية أمريكية في الأنبار مؤكدا ان “الحكومة المحلية لا تمتلك أي معلومات عن هذا الامر”.

وأضاف الكربولي متسائلاً “ان خطر تنظيم داعش الإرهابي في الصحراء يستوجب بقاء القوات الأمريكية في الأنبار ووجودها طبيعي فهناك سفارة أمريكية في بغداد وقاعدة عسكرية في مدينة بلد ومقرات أمريكية في قاعدة سبايكر وكذلك في إقليم كردستان فما هو الغريب بوجودهم في الانبار؟”.

واوضح ان “بقاء القوات الأمريكية في العراق جاء ضمن اتفاقية أَمنية وقعت مع الحكومة العراقية منذ سنوات ولها دور في تدريب القوات العراقية وتوفير الدعم والإسناد الجوي في معارك تحرير وتطهير مناطق الموصل وصلاح الدين والانبار”.

 

قوات صديقة

 

من جهته إعتبر مسؤول في الحشد العشائري في الانبار لمراسل “خام”، ان “القوات الأمريكية في المحافظة هي قوات صديقة وكان لها الدور الكبير في تحرير وتطهير المدن من تنظيم داعش الإرهابي خلال السنوات الماضية “.

وأضاف المصدر ان “مناطق حديثة والعامرية والخالدية البغدادي التي صمدت بوجه تنظيم داعش كانت ستسقط بيد هذه العصابات لولا القوات الامريكية ودعمها البري والجوي للقطعات العراقية” بحسب قوله.

مشيراً إلى ان “أهالي المناطق الغربية يطالبون ببقاء القوات الصديقة في الأنبار لتدريب مقاتلي العشائر وهناك حاجة لوجود قنصلية أمريكية في الفترة الحالية وأن تكون إما في قاعدة عين الأسد أو قاعدة الحبانية “.

ولفت إلى ان “القوات الأمريكية في الأنبار قدمت الغطاء الجوي للقوات العراقية وشاركت في تحرير مدن القائم وراوة وعنة وكبيسة ومناطق أخرى وتمتلك أجهزة حديثة وطيران مسير قادر على كشف أوكار تنظيم داعش الإرهابي في عمق الصحراء الغربية “.

 

وجود حتمي ومصالح مالية

 

فيما يرى المحلل الأمني والسياسي، خالد المحمدي، ان “الوجود الأمريكي في الأنبار لا يحتاج لافتتاح قنصلية؛ لأن المشروع أكبر من ذلك ولديهم قواعد عسكرية ومقرات كبيرة الهدف منها حماية مصالحهم والشركات الأمريكية التي ستدخل للاسثمار قريبا في مدن المحافظة “.

وأكد المحمدي لمراسل “خام” ان “الأنبار فيها قوات فرنسية وبريطانية وقوات أجنبية أُخرى ضمن قوات التحالف الدولي لكن القوات الأمريكية تعمل بمعزل عن القوات الأخرى وتمتلك قواعد عسكرية في مطار الحبانية شرقي الرمادي وفي قاعدة عين الأسد في ناحية البغدادي وفي قضاء القائم غربي المحافظة”.

مستدركا ان “حقل عكاز الغازي والمنافذ الحدودية بين العراق وسوريا والأردن والسعودية والطريق الدولي السريع والثروات الطبيعية  في الأنبار ومنها الرمال الزجاجية والفوسفات والكبريت والنفط والمعادن غير المستكشفة ستكون ضمن مشاريع حماية واستثمار الشركات الأمريكية قريباً”.

وانتهى بالقول ان “الحكومتين المحلية في الأنبار والمركزية في بغداد لا تستطيعان التدخل في عمل ووجود القوات الأمريكية في المناطق الغربية والشريط الحدودي بين العراق وسوريا غرب البلاد”.

 

انتفت الحاجة ووُجِد البديل

 

لكن هناك آراء أخرى تتبناها شخصيات أنبارية حول تواجد القوات الأمريكية إذ يرى الشيخ قطري السمرمد، وهو قائد الحشد العشائري في ناحية البغدادي، التي تتواجد فيها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في البلاد ان” “الوضع الامني في عموم مدن الانبار ومنها المناطق الغربية مستقر بشكل كبير ولا وجود لاي تخوف من عودة التنظيمات الارهابية للمناطق المحررة”.

واعتبر السمرمد في حديثه لـ”خام” ان”الحاجة لوجود القوات الأمريكية في الانبار قد انتفت بوجود القوات العراقية وقوات الشرطة وحرس الحدود وأفواج الطوارئ وقوات سوات والحشد العشائري وان هذه القوات قادرة على حماية المحافظة ولا نريد تدخلات خارجية أو دعم بعد تطهير المناطق وإعادة النازحين”.

 

براغماتية محلية وازدواجية حكومية

 

وفي خضم هذه الدوامة يجد آخرون أنفسهم مضطرون للتعامل بطريقة براغماتية محاطة بالترقب الحذر من الوجود الأمريكي غرب العراق , حيث يقول الشيخ ناظم الدليمي أحد شيوخ عشائر الأنبار ان” “الحكومة العراقية تتعامل بازدواجية مع الوجود الأمريكي في العراق والأنبار خصوصاً وضمن نظرية عدوي وصديقي ولم نفهم ماذا يريدون ولم نسمع لها قراراً صائباً بخصوص هذا الملف”.

ويضيف الدليمي لمراسل (خام)، ان”العراق وبعد عام 2003 شهد نكبات خطيرة وظروف أمنية صعبة بوجود تدخلات من دول الجوار من إيران التي تمتلك نفوذاً واسعاً في عموم المحافظات العراقية والسعودية التي تحاول إثبات وجودها على أرض الواقع وتركيا التي تدخلت في ملف كركوك والموصل وأمريكا التي لها السلطة على تلك التدخلات”.

لافتا الى ان “الأنبار باتت اليوم بين مطرقة القوات الأمريكية وكماشة التدخلات السياسية والنفوذ الحزبي الذي يحاول استغلال الظروف للاستحواذ على السلطة والثروات فمنهم من يريد بقاء القوات الأمريكية لحمايته والقسم الآخر يرفض وجودها لارضاء السلطة في بغداد”. انتهى (ع.د)

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.