خام – متابعة: يكشف الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ، في كتاب جديد يصدر غداً الأثنين، أنه عرض على الرئيس العراقي السابق صدام حسين قبل الغزو الأميركي في 2003، الانتقال إلى “دبي مدينتك الثانية” لتجنب الحرب، لكن صدام رفض العرض.
ونشرت صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية، اليوم الاحد، مقتطفات من الكتاب، وتابعتها (خام) ، مستعيداً ذكريات وتجارب ومواقف .
ويتناول بن راشد في كتابه اتصالات غير معلنة أجراها مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين ، احداث الكويت قائلا” شكل غزو الكويت في 2 أغسطس / آب من عام 1990 صدمة. أذكر أنني تأكدتُ ثلاث مرات من الضابط الذي نقل لي الخبر. نقلتُ النبأ لأخي الأكبر الشيخ مكتوم، ثم أمرتُ بإعلان حالة الطوارئ لجميع القوات الأمنية والعسكرية. تحدثت مع الشيخ زايد، فوجدته غاضباً وحزيناً في الوقت نفسه. كيف يمكن لصدام أن يفعل ذلك؟ وما هي خطوته التالية؟”
ويضيف بن راشد” لم نكن نتوقع أبدا أن يتجرأ صدام على غزو دولة شقيقة جارة ذات سيادة وقفت تاريخياً إلى جانبه . كان قرار صدّام باجتياح الكويت صدمة للجميع، كما كان نقطة تحول غيرت المنطقة بأسرها ..”
وتابع” استقبلنا في بلادنا عشرات الآلاف من أبناء الكويت الشقيقة. فتحنا لهم الفنادق والبنايات السكنية، وكثير من مواطنينا فتحوا لهم البيوت.أصبحت مرافئنا مرسى لسفن الحلفاء مع بدء عمليات (عاصفة الصحراء)، وهي العملية العسكرية التي شنتها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في 16 يناير/ كانون الثاني 1991 لتحرير الكويت من القوات العراقية. أنشأنا المطارات العسكرية وجهزنا المرافئ والمستودعات للجيوش. واستقبل ميناء جبل علي من سفن التحالف أكثر من أي ميناء آخر في المنطقة لأنه الأكبر والأكثر تجهيزا”.
وزاد بن راشد “أما قواتنا العسكرية فقد ساهمت بفاعلية في دعم قوى التحالف من أجل تحرير الكويت، وسافرت شخصيّاً إلى مركز عمليات عاصفة الصحراء عدة مرات. وكان من أولوياتي عند التعامل مع الجنرال نورمان شوارزكوف، قائد قوات التحالف الدولي، الذي كان يقود أكثر من 900 ألف جندي من قوّات التحالف، أن أجد طريقة للحدّ من حجم الخسائر لدى المدنيين. فلم يرغب شعب الكويت أو شعب العراق في الاجتياح، بل كان عملاً أرعن ، وكنت حريصاً على ألا يدفع الشعب ثمن هذه الحماقة”.
وأوضح قائلا ، “أُجبر صدّام على الانسحاب بعد عملية عسكرية ناجحة، وكانت القوات الإماراتية لها شرف أن تكون من أوائل القوات التي دخلت الكويت من أجل التحرير . للكويت أفضال ، ولو طالت الحرب لبذلنا لها من أرواحنا وأبنائنا ما تحتاج إليه حتى التحرير.”
وعن انتهاء غزو الكويت قال بن راشد” انتهى الغزو بانسحاب مهين للقوات العراقية، لكن تلك لم تكن النهاية، بل البداية لحقبة جديدة في المنطقة عنوانها انهيار دولها الكبرى، وتفكك جيوشها العظمى. لقد كان غزو الكويت الغلطة التاريخية الكبرى التي غيرت وجه المنطقة للأبد”.
واستذكر حرب العراق ضد ايران بالقول” ما زلتُ أذكر عندما رحلت الحرب المنهِكة ما بين العراق وإيران التي خلّفت وراءها أكثرَ من مليون قتيل. وعندما ترحل حربٌ من مكان فهي لا ترحل سريعة كما جاءت ، بل يظلّ ثقلها باقياً لسنوات؛ هكذا رأيت العراق. في تلك الفترة، كان الرئيس العراقي صدام حسين في قمّة مجده وكبريائه. وما زلتُ أذكر ذلك الموقف الذي حدث بيني وبينه؛ حيث صرّح للشيخ زايد بشعوره وتحفظاته تجاهي : إنه يميل للغرب، ولا يعامل العرب معاملة جيدة .طلب مني الشيخ زايد بعدها مقابلة صدام، على عادته، رحمه الله، في عدم ترك أي أمور عالقة يمكن أن تؤثر على مصالحنا.التقيت مع صدام في أحد الاجتماعات وابتدأ الحديث فيما بيننا بنوع من المجاملة، ثم جاءت الجملة الأهم من صدام: لدي تقرير يفيد بأنك كنتَ تدعم إيران بطرق مختلفة، ووضع تقريراً أمامي. أجبته: إنني لا احتاج للتقرير وها أنا ذا معك، إذا كنتَ تقصدُ شحناتٍ من الأسلحة فأتحدّى أي شخص أن يثبتَ ذلك ، أما إذا كنتَ تقصدُ تلك الشحنات من المواد الغذائية فنعم ؛ ولن تحتاج لتلك التقارير لأن سفننا تذهب إلى هناك وإلى العراق أيضاً ، ولا يمكنني أن أوقف شيئاً إنسانياً يتجه نحو الشعوب.
وختمت صحيفة الشرق الاوسط حديثها عن المذكرات قائلة، “ظهرت علامات المفاجأة على وجهه، لأن كلامي كان جريئاً. كان معتاداً على سماع ما يود سماعه، وربما كان ردّي مفاجئاً له لأنه أعتقد أنني أضعف من تلك الصورة الذهنية التي رسمها عني. بعد تلك المواجهة أصبحنا صديقيْن”. انتهى (ع.ا)