خام – البصرة
كغيرها من بعض قرى محافظة البصرة، تعاني قرية “جرف الملح” بالقرب من الحدود العراقية الإيرانية من تزايد أعداد المصابين جراء انفجار المخلفات الحربية التي تنتشر في مساحات واسعة من أراضي القرية، ما تسبب بحالة من الخوف المزمن والإحجام عن التنقل أو صعوبة التنقل، لينعكس الأمر سلباً على واقع القرية وأهلها.
وتعد محافظة البصرة جنوبي العراق واحدة من أكثر مدن العالم تلوثاً بالمخلفات الحربية والقنابل العنقودية، بحسب معنيين، إذ كانت مساحات منها خلال الحرب العراقية الإيرانية التي امتدت لثمان سنوات مكاناً للعمليات العسكرية، وزُرعت فيها ملايين الأمتار المربعة بالألغام، فضلا عن حرب الخليج وسقوط الصواريخ والقنابل العنقودية غير المنفلقة.
البصرة الأكثر ضرراً عالمياً!
من جهته، كشف مدير المركز الإقليمي لشؤون الألغام في وزارة البيئة للجنوب نبراس فاخر، في تصريحات تابعتها وكالة “خام نيوز” عن حجم الكارثة البيئية التي تعيشها مدن الجنوب العراقي، مشيراً إلى أن البصرة، التي تُعدّ من أكبر المدن الملوثة في العالم بالمخلفات الحربية، تعاني من وجود أكثر من مليار و205 ملايين متر مربع من الأراضي الملوثة.
وأكد مدير المركز أن “هذا الرقم الكبير يتطلب جهوداً ضخمة وإمكانيات غير مسبوقة لتطهير هذه الأراضي، التي أصبحت تهدد حياة المواطنين يومياً”، مستدركاً بأن “البصرة ليست وحدها في هذه المعركة البيئية، بل إن محافظة المثنى تمتلك أكثر من 145 مليون متر مربع من الأراضي الملوثة، بينما تُسجل ميسان 95 مليون متر مربع وبذلك، وتتجاوز المساحات الملوثة في هذه المحافظات الثلاثة أكثر من مليار و440 مليون متر مربع”.
دعوات لتدخل حكومي:
بدوره، دعا مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة رئاسة مجلس المحافظة إلى الإسراع في تفعيل التوصيات الهامة التي تمخضت عن الاجتماع الذي رعاه المجلس قبل ثلاثة أشهر، والذي عُقد عبر لجنة ضحايا الألغام والمقذوفات الحربية.
وقال مدير المكتب، مهدي التميمي إن من أبرز التوصيات التي خرج بها الاجتماع كان “دعوة أصحاب القرار في وزارات البيئة والدفاع والداخلية والنفط، بالإضافة إلى الحكومة المحلية، إلى اتخاذ خطوات جدية لإنهاء ملف الألغام والمقذوفات الحربية في المحافظة”.
وأضاف التميمي أن الاجتماع أكد أهمية دعم مركز إزالة الألغام والمقذوفات الحربية في جنوب العراق، والذي يقع مقره في البصرة، بهدف تعزيز قدراته في تطهير المناطق الملوثة وتخفيف المخاطر التي تهدد حياة المواطنين، موضحاً أن “التصاعد الخطير في أعداد ضحايا الألغام والمقذوفات يستدعي اتخاذ قرارات عاجلة وتنفيذ الحلول اللازمة لحماية أرواح المواطنين في المناطق المتضررة”.
الخطر يداهم محافظة المثنى!
ولم يقتصر الأمر على البصرة، فقد أوضح معاون محافظ المثنى يوسف سوادي، في تصريحات تابعتها وكالة “خام نيوز”، أن “بادية المثنى كانت هي الأخرى ساحة للعمليات العسكرية والحروب خصوصاً في عامي 1991 و2003، مما جعل مساحاتها الشاسعة ملوثة بآثار هذه الحروب. وأن المثنى تعد ثاني أكبر محافظة في العراق من حيث التلوث الناتج عن القنابل العنقودية والمخلفات الحربية”، مشيرا إلى أنها تضم أكبر عدد من القنابل العنقودية.
ولفت سوادي إلى أن آخر عملية مسح للضحايا التي أُجريت عام 2013، أسفرت عن تسجيل 3330 ضحية تضرروا جراء انفجار هذه القنابل، مشيراً إلى أن الجهد الأكبر يقع على عاتق الدفاع المدني، لكنه يحتاج إلى وقت أطول ودعم إضافي. كما لفت إلى أن هناك جهداً محدوداً من قبل منظمة مساعدة الشعب النرويجي، وهي منظمة غير ربحية تعمل على إزالة المخلفات الحربية وتوعية السكان، لكن عملها يبقى محدوداً أمام حجم المشكلة.
استشعار دولي:
الهيئة الدولية للصليب الأحمر في العراق، أوضحت في بيان لها، أن العراق من أكثر البلدان تلوثًا بالمخلفات الحربية، ما يشكل تهديداً كبيراً على حياة المجتمعات المحلية. وأن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتعاون مع دائرة شؤون الألغام ومديرية الدفاع المدني، بذلت جهداً للحد من هذه المخاطر، حفاظًا على سلامة المواطنين، منوّهاً إلى أن المنظمة “قامت بتثبيت لافتات توعوية في محافظات النجف وميسان والبصرة في جنوب العراق، لتسليط الضوء على أهمية اتباع سلوك آمن والابتعاد عن المناطق الملوثة، وذلك بهدف رفع الوعي بين المواطنين بشأن المخاطر المرتبطة بالمخلفات الحربية والذخائر غير المنفجرة”.
هذه التحذيرات تكشف حجم الكارثة البيئية التي يواجها الجنوب العراقي، وتسلط الضوء على الحاجة الملحة للجهود الحكومية والدولية لتطهير هذه الأراضي، قبل أن تصبح الخسائر أكبر من أن تُحمد عواقبها. انتهى ع1
منقول بتصرف عن منصة “الجبال”