زار وفدٌ رفيعُ المستوى من الأمم المتحدة، يوم الأحد الموافق 5 حزيران، برفقةِ رئيس جهاز الأمن الوطني العراقي، مخيّمَ الهول في شمال شرق سوريا: وهو مُجمّعُ خيامٍ بائسٌ ومترامي الأطراف تحت أشعة الشمس الحارقة، وقد بات سكناً إجبارياً لعشرات الآلاف من الأشخاص لسنواتٍ عديدةٍ حتى الآن. وشهد الوفد مباشرةً الظروفَ القاسيةَ على أرض الواقع. وقد كانت هذه مجرد لمحةٍ عن التحديات الهائلة التي يواجهُها سكّان الهول بشكلٍ يوميّ – على الرغم من الجهود الجبّارة التي تبذلها الجهاتُ الفاعلة في المجال الإنساني.
كثيرٌ من الناس، ولا سيما الأطفال منهم، لم يطلبوا أبداً أن يكونوا جزءاً من هذا الوضع اليائس الذي لا تبدو له نهايةٌ في الأفق. بيد أن 50 بالمئة من إجمالي سكّان الهول (نحو 56,000 فردٍ حالياً) هُم دون سن 12 عاماً. وهُم يجدون أنفسهم محرومين من حقوقهم ومستضعفين ومهمشين. وقد تدهورت الأوضاع الإنسانية والأمنية الحرجةُ للغاية أصلاً في الأشهر الماضية، مما يجعل المخاطر المرتبطة بهذه الكارثة البطيئةِ الحركةِ أكثرَ وضوحاً: أنَّ مخيماً مثل الهول يُغذي الاستياء ويُلهم الإرهابيين، من عمليات الاختراق إلى الهجمات واسعة النطاق. وإذا ما تُرك من دون معالجةٍ، فإن الوضع سيؤثّر حتماً على المنطقة وما وراءها.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة جينين هينيس-بلاسخارت: “إبقاءُ الناس في ظلّ ظروفٍ مُقيّدةٍ وسيئةٍ يؤدي في نهاية المطاف إلى مخاطرَ على مستوى الحماية والأمن أكثر من إعادتهم بطريقةٍ منضبطة. يُثبت العراق أن عمليات الإعادة المسؤولة ممكنةٌ، من خلال إيجاد حلولٍ كريمةٍ ترتكز على مبادئ كلٍّ من المساءلة وإعادة الإدماج. والحل الدائم الأفضل والوحيد هو السيطرة على الوضع، وإدارة العودة بسرعةٍ وحسمٍ، وبروح الشراكة، لمنع تركةِ معركةِ الأمسِ ضد داعش من تأجيج صراعِ الغد.”
وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا السيد عمران رضا: “الهول ليس مكانا للأطفال. إن الخطوات التي اتخذتها حكومة العراق مهمة للغاية في الطريق إلى الحلول. وهناك حاجةٌ ماسةٌ لاتخاذ إجراءاتٍ من قبل الدول الأعضاء الأُخرى التي يتواجد مواطنوها في المخيم.”
حتى الآن، ومع آخر عملية نقلٍ جرت في 1 حزيران/ يونيو، تمّت إعادة أكثر من 2,500 عراقيّ إلى الوطن. ولكن حيث إن آلاف العراقيين (نحو 28,000 مواطنٍ عراقي في الهول وحده) ما زالوا موجودين هناك، فإن السلطات العراقية تُدرك أنها لا يمكنها التوقف عند هذا الحد.
إن الأمم المتحدة تُثني على العراق لجهوده الشُجاعة، وترحب بالعمل الجاد الذي تقوم به اللجنة العليا العراقية المعنية بالإعادة إلى الوطن، وهي على استعدادٍ لمواصلة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية المطلوبتين بعد العودة. ونحثّ جميع الحكومات الأُخرى (إذ يضم الهول حالياً 51 جنسية) على أن تحذو حذو العراق من خلال إعادة مواطنيها أو مُقيميها أو الأشخاص المرتبطين بها – بالطبع، مع اتخاذ التدابير المناسبة للعدالة والمساءلة بما يتماشى مع القانون الدولي، وبرامج إعادة الإدماج المجتمعي لأولئك الذين تثبت براءتهم من أية جريمة.