خام-متابعة: لجأ لبنان إلى العراق لتأمين النفط الأسود لشركة كهرباء لبنان لتجنيب البلد شبح الدخول في العتمة بعد انتهاء عقده مع الشركة الجزائرية المصدّرة للنفط “سوناطراك”.
وأعلن وزير الطاقة والمياه اللبناني في حكومة تصريف الأعمال ريموند غجر، أن “لبنان تبلغ رسمياً بقرار مجلس الوزراء العراقي الذي ينصّ على تزويد لبنان بكميّة 500 ألف طنّ من النفط الأسود (heavy fuel oil) لفترة سنة، على أن يتمّ الدفع بعد ستّة أشهر من تاريخ الاستلام عن طريق حساب يتمّ فتحه في (مصرف لبنان) لصالح وزارة المالية العراقية، ويُستعمل لتسديد فواتير تحددها الوزارة وهي عبارة عن خدمات واستشارات ممكن أن تكون سياحية أو طبية أو أي خدمات أخرى، وسيحدّد مجلس الوزراء العراقي كيفية صرف تلك الأموال التي ستبقى في لبنان ويتمّ دفعها بالدولار الأميركي أو بالليرة اللبنانية”.
ووصف غجر الاتفاق بـ”الإيجابي جداً للدولة اللبنانية”، وقال: “لا أعتقد أن هناك اتفاقا أفضل من أن يحصل لبنان على نفط، ثمنُه بالعملة الصعبة مع إمكانية أن تبقى الأموال داخل لبنان، فالعراق يعطي لبنان أمنا طاقويا من جهة، كما يوّفر على لبنان الوقت في الدفع، مشجعا في آن واحد الصناعات اللبنانية من جهة أخرى، فيكون بذلك مساهما في تحريك الاقتصاد اللبناني بشكل أكثر من مجّاني”.
ورداً على سؤال بشأن كميّة النفط المستورد من العراق وإمكانية تلبية حاجة لبنان بالكامل، أجاب غجر بأن “وزارة الطاقة تتمنّى أن تحصل على كميّة أكبر لأن لبنان بحاجة إلى مليوني طنّ، إلاّ أن البداية تعتبر جيّدة جداً”.
وأضاف، “يتمّتع النفط العراقي بمواصفات تلبّي حاجات العراق ودول أخرى، إّلا أنها غير مطابقة للمواصفات التي تعمل بها المعامل اللبنانية، وبالتالي، هناك خياران أمام لبنان بما أنه غير قادر على التكرير داخليًّا؛ إمّا تكرير النفط في العراق أو في دولة أخرى، وإمّا استبداله مع شركة أخرى مقابل نفط مطابق للمواصفات اللبنانية”.
وأوضح أن “هذه الاتفاقية هي (اتفاقية إطار) بين الدولة اللبنانية والدولة العراقية، ما سيفتح المجال أمام عقد عملي بين وزارة الطاقة اللبنانية وشركة (سومو) العراقية، لتحديد نوعية النفط وكميته وتاريخ الحصول عليه وكيفية إعداد الفواتير، هذا في العنوان الأساس الذي تندرج ضمنه اتفاقيات عدّة بين وزارات مختلفة، مثل وزارة الصحة، الزراعة، الصناعة وغيرها”.
عن آلية وصول النفط العراقي إلى لبنان، نفى غجر ما يتمّ تداوله عبر وسائل الإعلام بأن “النفط يمكن أن يأتي عبر البرّ أو عبر أنبوب طرابلس، وأنه سيصل عن طريق البحر من ميناء البصرة حصراً، وفي الوقت الحالي، تعمل الوزارة على تأمين النفط عن طريق الآلية الفورية المعتمدة وهي(Spot Cargo )أي الشحن المباشر من البواخر الموجودة في المياه”، لافتاً إلى أن “النفط العراقي سوف يغطي 25 % من حاجة لبنان”.
وأضاف، أنه “في الوقت الراهن، يترقّب لبنان اللقاء الرسمي مع العراق، حيث سيتم توقيع اتفاق الإطار بين رئيس مجلس الوزراء اللبناني ونظيره العراقي، ما سيشكّل انطلاقة لتعاون مستقبلي، وممكن أن تتضاعف الكميّة إلى ثلاثة ملايين طنّ من النفط”.
وشدد غجر الدولة العراقية، على أنه “بانتظار زيارة العراق بفارغ الصبر لتوقيع الاتفاقية والمضي قدماً بالخطوات اللاحقة اللاّزمة”، موضحاً أن “تاريخ الزيارة يحدده رئيسا حكومتي البلدين تبعا لبرنامج عملهما والبروتوكولات المعهودة، ومن المتوقع أن تتمّ مطلع شهر آذار المقبل، وأن النفط لن يصل إلى لبنان إلا بعد ما يقارب الشهرين من تاريخ التوقيع”.
وبشأن تخوف الناس في لبنان من تهريب كمية النفط المرتقبة من العراق، أكّد غجر، أن “هذه الكميّة من النفط لا يمكن أن تهرّب، لأن التهريب يحصل عندما تكون المواد موجودة في السوق المحلية، ولكن النفط الذي سيأتي إلى (مؤسسة كهرباء لبنان) يتمّ نقله من الباخرة إلى خزّانات الكهرباء مباشرة ويُحرق في المعامل اللبنانية، وهذا ليس مشروعا تجاريا، فالنفط يبقى ملك الدولة اللبنانية ولا أحد يمكنه حتّى شراؤه”.
وبخصوص المخاوف من العتمة، ردّ غجر بأن “وزارة الطاقة والمياه تعمل جاهدة لكي لا يصل لبنان إليها إطلاقا”، إلا أنه استدرك: أنه “بالعودة إلى الموضوع المالي، إذا لم تحلّ الأزمة الاقتصادية والمصرفية، نعم سيواجه لبنان المشكلات، لأنه غير قادر على شراء النفط بالليرة اللبنانية، وكذلك قطع الغيار والمحوّلات والدفع لمقدّمي الخدمات”.
وأضاف، “مازال مصرف لبنان يؤمّن حتى اليوم الدولارات المطلوبة لسير العمل، ولكن في حال أعلن التوقف عن ضخّ الأموال، بالتأكيد العمل سيتوقّف، ليس فقط على صعيد الطاقة إنّما على صعيد البلد ككُّل”.
وعن محدودية الخيارات في كلّ مرّة يكون لبنان أمام “العتمة وإلا… وعدم إجراء المناقصات مسبقاً كما يتوجّب على وزارة الطاقة، أجاب بأن وزارته “كانت سبق ان توصّلت إلى (دفتر شروط) بالتعاون مع إدارة المناقصات، ولكن لزوم مناقشة بند (التعاون مع الشركات الدّوليّة) في مجلس الوزراء، أخّر إطلاق العمليّة، وهو يترك هذه الخطوة لرئيس إدارة المناقصات”.
وأشارالى أن “الوزارة اليوم، تعمل على ثلاثة مسارات وليس مسارا واحدا، علماً أنه في الأعوام السّابقة، لم يكُن لدى لبنان سوى خيار واحد وكان (سوناطراك)”.
وختم غجر بالقول، إن “العقد طويل الأمد مثل عقد العراق يكون أفضل بكثير”، معتبرا أن “سمعة لبنان مازالت جيّدة، بدليل حصوله اليوم على أسعار مقبولة ومواصفات جيدة”.انتهى(ع-ع)