خام – بغداد: يستذكر العراقيون اليوم الخميس الثالث عشر من شباط، ضحايا “ملجأ العامرية” في بغداد، الذي قصفته الطائرات الاميركية قبل 29 عاماً وراح ضحيته اكثر من 400 مدني عراقي غالبيتهم نساء واطفال “حرقاً”.
في عهد بوش الاب.. الاستهداف بصاروخين ذكيين
ولم ينس العراقيون فاجعة الملجأ الذي استهدفته طائرات أميركية في عهد الرئيس الامريكي جورج بوش الاب عام 1991 بصاروخين ذكيين، فبعد 29 عاما مضت، لا تزال هذه اللحظات محفورة بذاكرة العراقيين.
وتناول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، هذه الفاجعة بألم، مع صور من الذاكرة تبين حجم مأساة “المذبحة”، مشيرين الى أن “القتلة لم يحاسبوا ولم تطلهم يد العدالة”.
الطابق الثاني حيث ينام الابرياء
واستكذر عراقيون عبر حساباتهم في “تويتر، فيسبوك” ماحدث في مثل هذا اليوم من عام 1991، وبالتحديد عند الساعة الرابعة والنصف فجراً حيث قصفت الطائرات الأميركية ملجأ العامرية، الكائن في منطقة العامرية ببغداد، اذ نفذت القنبلة الثانية للطابق الأرضي حيث ينام الملتجئون إلى الأمان، وقد اغلقت الابواب على حرق الابرياء، فلا يدخل منجد ولا يخرج طالب نجاة، جدران الملجأ صممت لتعزل من هم بالداخل من اي انفجار.. ولكنها حبستهم في داخل الملجأ ليلقوا حدفهم بالموت حرقا.
ملجأ محكم ولكن.. 408 ذبيح غالبيتهم نساء واطفال
وتقول الاحصائات الرسمية، إن 408 شخصا استشهدوا في ذلك اليوم ، بينهم 261 امرأة، 52 طفلا رضيعا، أصغرهم طفل عمره سبعة أيام، لم يتم ايجاد اي أثر له ولا صورة، إضافة إلى 26 مواطناً عربياً.
الملجأ أخذ اسمه من الحي الذي يقع فيه بين البيوت السكنية، (حي العامرية / غرب العاصمة)، بجوار مسجد ومدرسة ابتدائية، إنه ملجأ مجهز للتحصن ضد الضربات الكتلوية أي الضربات بالأسلحة غير التقليدية الكيميائية أو الجرثومية، محكم ضد الإشعاع الذري والنووي والتلوث الجوي بهذه الإشعاعات.
ويتسع الملجأ لألف وخمسمائة شخص، يمكن أن يلجأوا داخله لأيام دون الحاجة إلى العالم الخارجي، فهو مجهز بالماء والغذاء والكهرباء والهواء النقي غير الملوث.
طوابق البناء ثلاثة، مساحة الطابق 500 متر مربع، سمك جداره يزيد على متر ونصف المتر، كذلك سقفه المسلح بعوارض حديدية سمكها أربعة سنتيمترات، تؤدي أبواب الطوارئ الخلفية إلى طابق تحت الأرض وتؤدي سلالمه الداخلية إلى الطابق الأرضي حيث كان يقيم اللاجئون.
اراء في منصات التواصل
يقول مروان الحمداني، “اليوم ذكرى مجزرة ملجأ العامرية ١٩٩١ … وما فرق الأمس عن اليوم سوى التواريخ والمجازر مستمرة؟”، اما علي العبيدي، فيرى أن “الجرائم لا تسقط بالتقادم”، مؤكدا أن “ملجأ العامرية جريمة تتار العصر التي لاتموت”.
فيما يصف جنيد محمد، ذكرى قصف الملجأ بأنها “من ابشع جرائم امريكا «الديموقراطية» على شعوب العالم”، في حين يؤكد وسام الوائلي كاتبا عبر منصته “لم ينس العراقيون مأساة ملجأ العامرية، لا تزال هذه اللحظات محفورة بذاكرة العراقيين”.
كما يصف الكاتب علي وجيه عبر منصته، ذكرى ملجأ العامرية بانها “الجريمة التي ارتكبها جلاّد جيلنا بوش الأب.. كم من العار يطويك..”، مشيرا الى أن “أول جثة في حياته كان قد رآها عبر التلفاز “كانت جثة طفلة من هذه المحرقة، التي حدثت في 13 شباط 1991”.
“ملجأ العامرية”..معزوفة للموسيقار نصير شمة
الفنان الموسيقار نصير شمة يقول معلقا على معزفته الشهرية حول الحادثة: “يومها كنت جندياً وأحد الشهود على هذهِ الجريمة الكبيرة التي أودت بحياة مئات من أطفال العراق”، مضيفا ” كتبتها داخل المكان مع رائحة الأطفال الزكية بعد أن أفرغنا المكان من كل شيء إلا ذكراهم”.
ويضيف شمة “قدمتها للمرة الأولى بعد مرور سنة داخل الملجأ واليوم ونحن نستذكر أرواحهم نقدمها من أجل كل العامريات التي قدمها شعبنا العراقي قرابين على مدى أكثر من ثلاثة عقود.وهي أدانة لأمريكا وكلّ من تسبب بتلك الحرب الكارثية”.
“نصب الصرخة”.. عمل نحتي
من الأعمال النحتية التي جسّدت هذه الحادثة، يتَمَثّل هذا العمل النحتي بإظهار رأس إنسان من بين قوالب حجرية متينة محيطة به وتكون بَشَرَة الوجه مشدودة بإفراط قاسٍ مع معالم سطحيه متوتّرة كثيرة الظلال.
اما تكوين الفم فيُوحي بصرخة متصلّبة أزلية. انّ المشهد الكلّي لهذا العمل النحتي يُثير الرعب في النفس ويحرّك المشاعر نحو مدى العُسْر الذي مرّ به الشعب العراقي آنذاك. ومن ناحية أخرى فإنه يطبع في الذهن مرارة مِحنة شعب مستمِرّة.
“الفجر الحزين”.. فيلم روائي عراقي
وقد انجز فلم روائي موثر جدا يجسد هذه الفاجعة، وكان الفيلم الروائي من إنتاج عراقي باسم فلم “الفجر الحزين”، تأليف صباح عطوان، وإخراج صلاح كرم، والموسيقى التصويرية: نصير شمه، وكان الفلم من تمثيل: يوسف العاني، هديل كامل، آسيا كمال، بهجت الجبوري، سعدية الزيدي، ابتسام فريد، وآخرون.انتهى(ث،ش)