خام- متابعة :
قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، إن مستوى التهديد من قبل ”وكلاء إيران“ لأهداف داخل الأردن في 2019 كان يشكل مصدر قلق، مؤكدا أن بلاده من منظور عسكري في حالة تأهب أعلى لمواجهة تهديد هولاء الوكلاء.
جاء ذلك خلال مقابلة أجرتها معه قناة ”فرانس 24″، ونشرت نصها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، اليوم الاثنين.
وتطرق العاهل الأردني في المقابلة إلى قضايا عدة شملت التوتر الأمريكي الإيراني، والوضع في العراق وسوريا، إضافة إلى علاقة بلاده مع إسرائيل.
وبخصوص التوتر الإيراني الأمريكي المتصاعد في المنطقة وإمكانية تحوله إلى حرب مفتوحة، قال الملك عبد الله ”لغاية الآن، يبدو أن هناك تهدئة، نرجو أن يستمر هذا التوجه؛ إذ لا يمكننا تحمل عدم الاستقرار في منطقتنا، الذي يؤثر على أوروبا وبقية العالم“.
ولفت إلى أن المباحثات التي سيجريها خلال زيارة أوروبية ستقوده إلى بروكسل وستراسبورغ وباريس في الأيام القليلة المقبلة ”تتناول إيران بشكل كبير، لكنها ستتمحور -أيضا- حول العراق والعراقيون هم الذين قد عانوا ودفعوا الثمن، ويستحقون الاستقرار والمضي نحو المستقبل“.
وأضاف أن ”النقاش في أوروبا سيتركز على كيفية دعم الشعب العراقي، ومنحهم الأمل بالاستقرار وبمستقبل بلادهم“.
وعن رأيه إن كان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقتل الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني صائبا أم لا، قال الملك الأردني إنه ”قرار أمريكي، وما نود نحن فعله هو التأكيد أن هذا الأمر قد حصل (…) ونأمل أن نقوم في الأشهر القليلة المقبلة بتصويب الاتجاه بالمنطقة من خلال السعي للتهدئة والحد من التوتر“.
وحول ما إذا كان يخشى أن يتجه العراق مجددا إلى فترة من الانقسام الطائفي والحرب الأهلية، قال الملك عبد الله ”هذا احتمال، لكن لدي ثقة كبيرة بالشعب العراقي“.
وأضاف ”العراق كان يسير بقوة في تجاه إيجابي خلال العامين الماضيين، وأعتقد أن رحيل الحكومة أعادنا ربما خطوتين إلى الوراء، وأنا واثق بقدرة القادة العراقيين على العودة نحو الاتجاه الإيجابي، علينا العمل بعزم للتأكد من أن الطائفية لن تكون قضية تواجهنا“.
الهلال الإيراني
وردا على سؤال حول ما إذا كانت السفارة الأمريكية بالأردن ضمن 4 سفارات لواشنطن بالمنطقة حذر ترامب من أن إيران ستستهدفها، قال العاهل الأردني ”كان هناك مستوى تهديد أعلى خلال 2019 على أهداف معينة داخل الأردن؛ فمن منظور عسكري نحن في حالة تأهب أعلى لمواجهة وكلاء“.
وأوضح أنه يتحدث عن ”وكلاء إيران“، وأن مستوى التهديد من قبلهم في 2019 ”كان مصدرا للقلق، لكن لحسن الحظ لم يحدث شيء“.
وأكد أنه ”علينا جميعا مواجهة“ ما سمّاه بـ“الهلال الإيراني الذي لديه امتداداته في العراق وسوريا ولبنان“.
وردا على سؤال بشأن تأثير رحيل سلطان عمان قابوس بن سعيد، الذي وافته المنية الجمعة، على الظروف الراهنة بالمنطقة، قال الملك الأردني ”جلالة السلطان الراحل كان رمزا … فجلالته كان معروفا كصوت حيادي وعقلاني وكقائد يقرب الناس من بعضهم، وبالتحديد كان حلقة قوية للتواصل ما بين إيران والعالم العربي والمجتمع الدولي“.
لكنه استدرك ”مقتنع تماما أن عُمان ستستمر بالقيام بهذا الدور الإيجابي“.
العلاقة مع إسرائيل
وقال العاهل الأردني إن الحوار بين بلاده وإسرائيل متوقف منذ عامين تقريبا، مؤكدا أنه من الضروري إعادة إطلاقه.
وبشأن الخطوات التي سيتخذها الأردن حال ضمت إسرائيل الضفة الغربية تنفيذا لتعهدات مسؤولين يمينيين، قال الملك عبد الله إن التعهد بضم الضفة هو ”خطاب معين صادر عن إسرائيل سببه السياسات المتعلقة بالانتخابات؛ ما رفع من مستوى القلق في المنطقة“.
وأكد أنه ”من الضروري إعادة إطلاق الحوار بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والحوار بين الأردن وإسرائيل كذلك، الذي توقف منذ عامين تقريبا، ولذلك علينا أن ننتظر قرار الشعب الإسرائيلي“.
وشدد على أن ”الأردن ملتزم بالسلام كخيار إستراتيجي، وهو عامل مهم لاستقرار المنطقة“.
وتابع ”نحن، وللأسف، ندرك حقيقة استمرار أجواء الانتخابات (في إسرائيل) منذ عام تقريبا؛ ما يعني أن إسرائيل تنظر إلى الداخل وتركز على قضاياها الداخلية، وبالتالي فإن علاقتنا الآن في حالة توقف مؤقت، نريد للشعب الإسرائيلي الاتفاق على حكومة في القريب العاجل لكي نتمكن جميعا من النظر إلى كيفية المضي قدما“.
وأوضح ”بسبب موسم الدعاية الانتخابية الذي استمر لفترة طويلة، لم يكن هناك أي تواصل ثنائي أو خطوات ذات أثر؛ لذلك عندما تكون هناك بعض القرارات والتصريحات، كما ذكرت سابقا ضم الضفة الغربية، فإنها تولد الشك لدى الكثير منا عن الوجهة التي يسعى إليها بعض السياسيين الإسرائيليين“.
واعتبر أن ”حل الدولتين برأيي وبرأي معظم الدول الأوروبية هو الطريق الوحيد إلى الأمام، أما بالنسبة لمن يدعم أجندة حل الدولة الواحدة، فهذا أمر غير منطقي بالنسبة لي“.
كان السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان ألمح، خلال مؤتمر انعقد بالقدس الغربية، في وقت سابق من الشهر الجاري، إلى أن خطة السلام الأمريكية المعروفة بـ“صفقة القرن“ ستتضمن اعترافا أمريكيا بحق إسرائيل بضم أجزاء من الضفة.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، في المؤتمر ذاته، بعدم إخلاء أي مستوطنة إسرائيلية مقامة بالضفة الغربية، وأكد عزمه ضم منطقة غور الأردن وشمالي البحر الميت بالضفة إلى سيادة تل أبيب حال انتخابه رئيسا للوزراء مرة أخرى.
ويطالب الفلسطينيون بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة عام 1967، بما في ذلك غور الأردن.
وبخصوص موقف المملكة من ”صفقة القرن“، قال العاهل الأردني إن الأمر لا يزال في ”المنطقة الرمادية“؛ لأننا ”لم نعرف محتوى الخطة“ حتى الآن، وعندما يتم الإعلان عنها فإن“مهمتنا وقتها هي النظر إلى النصف الممتلئ من الكأس، كيف بإمكاننا البناء على الخطة، وكيف يمكننا القيام بذلك للجمع بين الفلسطينيين والإسرائيليين“.
حوار مع دمشق
وحول الشأن السوري، دعا العاهل الأردني النظام السوري إلى ”التحرك نحو دستور جديد وحوكمة جديدة، مع إبقاء الجزء الثاني المتعلق بسوريا في الاعتبار، وهو الحرب على تنظيم داعش، إذ إنه عاد ليظهر مجددا“.
وأضاف ”نحن نعمل كجزء من المجتمع الدولي لضمان التقدم في المسار السياسي والدستوري نحو الاتجاه الصحيح، ولا أعتقد أن هذه العملية ستكون سريعة، وكذلك فإن هناك تحديا كبيرا في إعادة إعمار سوريا ومنح السوريين فرصة لحياة أفضل، وسيستغرق هذا الأمر وقتا طويلا“.
وبشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، قال الملك عبدالله ”من وجهة نظر أردنية، هناك حوار بيننا وبين دمشق، لكن هذا هو الاتجاه الذي يسلكه العديد من الدول حول العالم حاليا بناء على تصور دولي للاتجاه الذي تسير فيه الأمور في سوريا“.انتهى (1)