خام -عمر عامر:
دخلت العملية السياسية في العراق مرحلة جديدة، بعد إعلان رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي عزمه تقديم استقالته من منصبه، على إثر الاحتجاجات الشعبية المندلعة منذ شهرين، والتي راح ضحيتها مئات القتلى وآلاف المصابين.
وأعلن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي عزمه تقديم استقالته من منصبه إلى البرلمان، بعد شهرين على المطالبات الشعبية بإقالة الحكومة الحالية.
وذكر عبدالمهدي في بيان: ”استمعت بحرص كبير إلى خطبة المرجعية الدينية العليا، اليوم الجمعة، واستجابةً لهذه الدعوة وتسهيلًا وتسريعًا لإنجازها بأسرع وقت، سأرفع إلى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية ليتسنى للمجلس إعادة النظر في خياراته“.
ولاقت تلك الاستقالة ترحيبًا واسعًا من الأوساط السياسية والشعبية، وساحات الاحتجاج في عموم العراق، حيث عبر المتظاهرون عن فرحتهم بها، وأكدوا مضيّهم في تنفيذ خارطة الطريق المعلنة من قبلهم.
ويطالب المحتجون في العراق باستقالة رئيس الوزراء، وتشكيل حكومة انتقالية تقود البلاد، وتشرّع قانونًا جديدًا للانتخابات، بعد حل البرلمان، وإجراء انتخابات جديدة، وصولًا إلى مرحلة إجراء التعديل الدستوري من قبل البرلمان الجديد.
ومع استقالة رئيس الحكومة، سيكون البرلمان أمام ضغط شعبي هائل لقبول تلك الاستقالة، خاصة مع تأييد مرجعية السيستاني، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فضلًا عن المطالبات الواسعة من المتظاهرين والأوساط السياسية.
الاستقالة نافذة
وبحسب الخبير القانوني طارق حرب، فإن استقالة رئيس الوزراء نافذة ولا تحتاج إلى تصويت البرلمان، وتعتبر استقالته استقالة لجميع وزرائه معه.
وقال حرب في تصريح صحفي: إن “استقالة رئيس الوزراء نافذة ولا تحتاج إلى تصويت البرلمان ولا موافقة رئيس الجمهورية عليها، كما يعتبر جميع وزرائه مستقيلين.
ويرى المحلل السياسي عماد محمد أن ”البرلمان العراقي أمام خيار واحد، وهو قبول استقالة عبدالمهدي بأقرب وقت ممكن، حتى لو استلزم الأمر عقد جلسة طارئة لذلك، ثم المضي بخيار تشكيل حكومة انتقالية، من خارج الأحزاب والمنظومة الحالية، واختيار رئيس وزراء جديد مستقل“.
وأضاف محمد، أن ”الحكومة الانتقالية يجب أن تشكلها القوى المدنية، بعيدًا عن الأحزاب الحالية، وهذا سيكون التحدي الجديد أمام ساحات التظاهر، إذ إن استقالة عبدالمهدي ليست هدفًا بذاتها، بل إن المطالب الشعبية تستهدف الطبقة الحاكمة بأكملها، وهدم الإطار العام الذي بُنيت على أساسه تلك الحكومة“.
ويرى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أهمية أن يكون رئيس الوزراء المقبل بترشيح من ساحات التظاهر، عبر وضع صناديق في تلك الساحات، والتصويت للمرشح الذي يرى فيه المتظاهرون أنه الأقدر على إدارة شؤون البلاد.
من يشكل الحكومة الانتقالية؟
ويدور نقاش في ساحات التظاهر العراقية حول من سيشكل الحكومة الانتقالية، ويوفر الغطاء القانوني والمؤسساتي لها، فضلًا عن حمايتها، خاصة وأن مطالب المحتجين تتمثل بعدم تدخل الطبقة السياسية الحالية بتشكيل تلك الحكومة.
ويرى معنيون وخبراء في الشأن العراقي أن المرجع الشيعي الأعلى في النجف علي السيستاني يمكن أن يهيئ الأرضية المناسبة لتشكيل تلك الحكومة، عبر خطاباته وبياناته، خاصة وأنه أثبت خلال السنوات الماضية قدرته على مخاطبة الجمهور بعقلانية وهدوء، وتدخل غير مرة في أوقات حاسمة.
فيما يرى آخرون ضرورة أن تكون تلك الحكومة بإشراف ورعاية من الأمم المتحدة، باعتبارها جهة مستقلة ومحايدة، ولديها تجربة سابقة في اتخاذ مثل تلك الإجراءات، وبناء مراحل انتقالية سابقة لعدد من البلدان التي تشابهت ظروفها مع العراق، فضلًا عن قدرتها على تطمين شرائح المجتمع والأقليات من تلك المرحلة، وضمان حقوقها.
وتقول مصادر برلمانية ، إن ”المجلس عازم على قبول الاستقالة خلال جلسة يوم غد الأحد ، التي دعا لها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وعرض الاستقالة على التصويت“.
وأضافت المصادر ‘ أن ”استقالة رئيس الوزراء ستصل اليوم السبت، ثم تمضي إجراءاتها، على أن تُقدم إلى البرلمان يوم الأحد، لتبدأ بعد الكتل السياسية مباحثات تشكيل الحكومة الجديدة الانتقالية، إذ تصر تلك الكتل على أخذ دورها في إنشاء الحكومة الجديدة المقبلة“. انتهى (1)