خام -متابعة :
أفادت مجلة “فورين بوليسي”، بان روسيا تسعى ’’للانقضاض’’ على السوق العراقية، محاولة استغلال الأوضاع التي يمر بها العراق والاحتجاجات المستمرة منذ مطلع تشرين الأول الماضي.
واوضحت المجلة الامريكية في مقال سلطت فيه الضوء على مستقبل النفط في العراق،
، أنه “رغم الاحتجاجات المستمرة في العراق، والتي تثير قلق المستثمرين الآخرين، تستجمع موسكو الزخم وتمضي قُدماً نحو دخول سوق النفط العراقي، ولن يكون النفوذ الروسي على النفط في العراق -وسورية- ضربة اقتصادية للولايات المتحدة فحسب، بل هو ضربة سياسية لها أيضاً، فالنفط هو العملة الرئيسية في هذين البلدين، وبذلك، فإن من يسيطر عليه سيكون له أيضاً تأثير رئيسي على الجغرافيا السياسية في المنطقة”.
وأضافت، أنه على الرغم من الاحتجاجات المستمرة في بغداد، والتي شهدت رحيل العديد من الدبلوماسيين الأجانب عن البلد لدواعٍ أمنية، ضاعفت روسيا رهاناتها هناك. ولم تظل سفارتها مفتوحة فقط في الأسابيع الأخيرة من الاضطرابات، بل قام وزير خارجيتها، سيرجي لافروف، بزيارة إلى البلد الشهر الماضي، حيث قام أولاً بجولة في بغداد ثم في أربيل.
وتابعت فورين بوليسي أنه لا ينبغي أن يكون مفاجئاً أن يتركز اهتمام روسيا بالبلد بعد استثمار أكثر من 10 مليارات دولار في قطاع الطاقة العراقي على مدى السنوات التسع الماضية، على المشاغل التجارية في أغلبه.
وكانت الشركات الروسية ممثلة مسبقاً وبشكل جيد بين شركات النفط التي تعمل في العراق. ونظراً للطبيعة بعيدة المدى لعقود النفط والغاز، فإن حصة السوق الروسية من النفط العراقي سوف تتزايد مع مرور الوقت فحسب، وعلى سبيل المثال، في العام 2009، فازت شركة “لوك-أويل” الروسية بأحد عقود النفط الأولى في عراق ما بعد الحرب لمشروع تطوير “القرنة الغربية- 2” في البصرة، ومن المقرر أن يستمر المشروع لمدة 25 عاماً، وبهدف تحقيق إنتاج 800.000 برميل يومياً بحلول نهاية العام 2024، واليوم، ينتج هذا الحقل ما يبلغ معدله نحو 400.000 برميل يومياً فقط، لكن هذا الإنتاج يشكل فعلياً 9 في المائة من إجمالي إنتاج العراق من النفط الخام، و12 في المائة من صادرات النفط العراقية.
وبينت المجلة الأمريكية أن تشمل الصفقات الأخرى منذ العام 2011 استثمارات بقيمة 2.5 مليار دولار لشركة “غازبروم” وشركائها في وسط العراق وإقليم كردستان وحدهما، وقد أنتجت شركة غازبروم 3 ملايين برميل من حقول سرقلة في إقليم كردستان، على سبيل المثال، وأطلقت العديد من مشاريع التنقيب في حقول حلبجة وشاكال، وفي الوقت نفسه، فازت شركة “سترويترانسغاز” الروسية في أيلول (سبتمبر) الماضي، بعقد مدته 34 عاماً للتنقيب عن النفط والغاز في محافظة الأنبار العراقية، وهو اتفاق شكر لافروف العراق عليه بشكل خاص خلال زيارته، وفقاً لمصدر في مكتب رئيس الوزراء العراقي.
ولا يقتصر اهتمام روسيا على حقول النفط نفسها، تملك شركة “روزنفت” نحو 60 في المائة من خط أنابيب نفط كردستان، وهو خط التصدير التشغيلي الرئيسي في العراق، وفي ربيع العام 2018، أعلنت “روزنفت” أيضاً عن توقيع اتفاقية مع وزارة الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كردستان لتطوير بنيتها التحتية للنفط والغاز، بما في ذلك إنشاء خط أنابيب جديد للغاز، والذي من المتوقع أن تصل طاقته التصديرية إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً. ويصل هذا إلى حوالي 6 في المائة من إجمالي الطلب على الغاز في أوروبا، ووفقاً لسياسي عراقي، والذي تحدث إلينا بشرط عدم الكشف عن هويته في تشرين الثاني (نوفمبر)، فإنه “بموجب هذه الصفقة، حصلت روسيا على الكثير من النفوذ السياسي في العراق. ويمثل النفط حوالي 96 في المائة من صادرات العراق، ولكن، من دون وجود خط أنابيب لتصديره، لن تكون للنفط أي قيمة بالنسبة للبلد، ولذلك، أصبحت روسيا تسيطر الآن بشكل أساسي على هذا التصدير”.
لم تكن روسيا دائماً منخرطة في قطاع النفط والغاز العراقي، بعد سقوط نظام صدام حسين في العام 2003 وبعد احتلال العراق، كانت الشركات الروسية غائبة إلى حد كبير عن المشهد، لكن هذا كله تغير مع تصاعد الصراع الطائفي في العام 2009، في ذلك الوقت، غادرت العديد من شركات النفط الغربية (مثل إكسون موبيل وشيفرون) المنطقة -جزئياً أو كلياً- بسبب المخاوف الأمنية، لكن الشركات الروسية، المتعطشة للمخاطرة، أخذت مكانها.
ولقي دخول روسيا الكثير من الترحيب في العراق. وكما أخبرنا أحد قادة حكومة إقليم كردستان هذا الشهر، فإنه “قبل وقت طويل من الأزمة السياسية والأمنية الأخيرة، في أوائل العام 2012، دخل الروس كردستان العراق كمستثمر دولي قوي. وفي ذلك الوقت، لم تكن هناك حاجة إلى الروس لأنه كان للأميركيين وجود قوي ودعم في المنطقة.
ولن يكون النفوذ الروسي على النفط في العراق وسورية ضربة اقتصادية على المدى الطويل للولايات المتحدة فحسب، بل هو ضربة سياسية لها أيضاً. فالنفط هو العملة الرئيسية في هذين البلدين، وبذلك، ستكون لمن يسيطر عليه نفوذ رئيسي على الجغرافيا السياسية في المنطقة.انتهى (1)