خام -متابعة :
غصت ساحات التظاهر في العراق لاسيما ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، مساء الغثنين ، بآلاف المتظاهرين المطالبين باستقالة الحكومة ورافضين التدخل الخارجي، بعد ان نشرت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية وثائق أيرانية تتحدث عن عن علاقة السياسيين العراقية بأيران وتوثق تجنيد العديد منهم لتحقيق مصالحها .
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” The New York Times الأميركية، كشفت عن تقارير استخباراتية إيرانية مسربة عن مخطط إيران للنفوذ الإقليمي، مؤكدة أن الهيمنة الإيرانية على العراق ترسخت من خريف 2014. وقالت الصحيفة إن التقارير الإيرانية المسربة تؤكد زيارة قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، للعراق لدعم رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي، مؤكدة أن سليماني يحدد سياسات إيران في لبنان وسوريا والعراق.
وتعليقاً على تلك الوثائق قال المحلل الاستراتيجي، رعد هاشم، إن “الوثائق التي كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” النقاب عنها هي إكمال صورة توثيقية لما هو راسخ في مخيلة وعقول كل العراقيين، وهم يعرفون أن معظم السياسيين مرتبطون ارتباطا وثيقا بإيران، وهي جاءت بهم من رحم التجربة الإيرانية وتصدير ثورة الخميني، وهم صدروا الثورة إلى العراق عن طريق هؤلاء”.
وأكد هاشم أن التسريبات تشكل سبباً إضافياً لغضب الجماهير أكثر، معتبراً أن العراقيين غضبوا أكثر عندما عرفوا أن من يقودهم جواسيس لإيران.
محاكمة الجواسيس
كما رأى أنه يجب أن تطبق على المسؤولين الذين ظهرت أسماؤهم في الوثائق المواد القانونية التي تجرم التجسس، وخصوصا المادة 164/1 وحكمها الإعدام بحق كل من يتخابر مع الأجنبي ويتسبب بالإضرار بمصالح البلد العليا.
وأكد أنه يجب أن تدرج ضمن المطالب الجماهيرية محاكمة كل هؤلاء الجواسيس الذين وردت أسماؤهم.
وقال: “هناك عقوبات دولية ستصدر من قبل الجانب الأميركي وتكشف كل هؤلاء للعراقيين بشكل أكبر”.
احتجاجات عارمة
بدوره، قال مدير مرصد الحريات الصحافية في العراق الصحافي، زياد العجيلي، إن كل التقارير التي تنشر أو تسرب بشقيها الصحافي والرسمي تشكل عاملاً إضافياً ضد السلطة الحاكمة في العراق.
وذكر على سبيل المثال أن التقرير الحكومي بخصوص قتل المتظاهرين وتهشيم رؤوسهم بالقنص كان عاملاً تحفيزياً لنشاطات احتجاجية عارمة، لأنه أخفى الكثير من الحقائق، والآن أتت تلك الوثائق المسربة من أجهزة الاستخبارات الإيرانية لتشكل حافزاً إضافياً لتجدد الاحتجاجات وغضب العراقيين.
تورط إيراني واضح
من جانبها، قالت الصحافية، سؤدد الصالحي، إن الوثائق لم تكشف جديداً، وجميع العراقيين يعرفون أن غالبية القيادات العراقية بسنتها وشيعتها وأكرادها، يرتبطون بعلاقات وثيقة جدا مع إيران، وهم يقدمون لها ما تطلبه من خدمات طيلة الوقت ويوظفون كل شيء في العراق لصالحها، بل إن بعضهم يتبرع بتقديم هذه الخدمات لأنهم يشعرون أن إيران هي صاحبة الفضل عليهم، وهي سبب وجودهم في مواقعهم الحالية، وهذه حقائق يعرفها العراقيون منذ سنوات طويلة”.
وأكدت الصالحي أن “الكشف عن تلك الوثائق لن يغير شيئاً على الأرض وغالبية العراقيين وخاصة المتظاهرين لن يتوقفوا عندها، لأنهم لا يرون فيها جديداً من جهة، ولأنهم لا يحتاجون لوثيقة تُثبت عمالة حكومتهم أو قياداتهم السياسية لإيران، فالقمع الدموي الذي مارسته حكومة عادل عبدالمهدي وحلفاؤها ضد المتظاهرين والتدخل الإيراني السافر في إدارة ملف الأزمة الأخيرة متمثلا بتواجد الجنرال قاسم سليماني، قائد قوات الحرس الثوري الإيراني، شخصياً في بغداد لدعم عبدالمهدي وتصريحات المرشد الديني الأعلى علي خامنئي، ومطالباته العلنية بإنهاء التظاهرات في العراق ولبنان خلال الأسابيع الماضية، كانت دليلا واضحا على تورط إيران وأذرعها في حفلات الموت الجماعي والاختطاف والاعتقال الذي طال ولا يزال يطال المتظاهرين والناشطين والصحافيين، وبالتالي المتظاهر مُعبأ أصلا ضد الساسة العراقيين وخاصة المدعومين من إيران، ولن تضيف هذه المعلومات شيئاً لقائمة الأسباب الطويلة التي يختزنها المتظاهرون في داخلهم لتبقي غضبهم مشتعلا”.
“شاهدنا بأم العين”
من جانبه، قال المتظاهر والناشط، علي عبدالخالق، إن 90% من الشعب العراقي يعرف مضمون تلك الوثائق مسبقًا لأنهم عايشوها منذ سنين. كما اعتبر أن “البصمات الإيرانية واضحة جدا على الساحة السياسية العراقية، ولا تقتصر على مكون أو طائفة دون غيرها وهذه الظاهرة بدأت بالانتشار بعد 2014، حيث بدأ العراقيون يسمعون بـ”سنة إيران، وكرد إيران”، بالإضافة إلى كرد آخرين تم حسابهم على دول أخرى مجاورة وهي تركيا.
كما أكد عبدالخالق أن المشكلة ليست بتوقيت خروج هذه الوثائق بل في طبيعة التعامل معها.
و رأى “أن الأخطر من ذلك يتجسد في وجود توجيهات إيرانية وتدخلات من أجل قمع التظاهرات”، وقال: نحن كمتظاهرين شاهدنا بأم العين الدعم الإيراني لقمع التظاهرات، وقد ظهر ذلك جلياً عبر ميليشيات وجماعات تأتمر بأوامر مباشرة من الحرس الثوري”.
وتابع “ليس مستغرباً أن وزير النقل آنذاك (بحسب الوثائق) كان يقبل بتحرك المساعدات الإيرانية لقمع الثورة السورية عبر الطائرات الإيرانية ومن خلال الأجواء العراقية.
إلى ذلك استدرك قائلاً: “هذا لا يعني أن إيران وحدها المتدخل في الشأن العراقي، ولكنها الأكثر تأثيراً، وهي تدافع عن الطبقة السياسية الحالية في العراق، لأنها تعتبر من فيها وكلاء لها في العراق، وفي حالة خسارتهم ستخسر إيران باحتها الخلفية وساحة الصراع مع الولايات المتحدة.انتهى (1)
المصدر : وكالات