خام -بغداد :
نددت السفارة الأميركية في بغداد بقتل وخطف المحتجين العزل في العراق، بعد ارتفاع عدد قتلى الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة العراقية إلى أكثر من 270 شخصاً، وتسجيل سقوط 13 قتيلاً جديداً في الساعات الـ24 الماضية،
وأفاد شاهد وكالة رويترز بأن قوات الأمن العراقية أطلقت الرصاص الحي في الهواء اليوم الأربعاء لتفريق محتجين تجمعوا على جسر الشهداء في بغداد الذي أقفله المتظاهرون منذ بعد ظهر الثلاثاء، من دون تسجيل إصابات.
وكانت قيادة عمليات بغداد أعلنت رفع حظر التجول الليلي في العاصمة العراقية، في حين لم تتوقف حركة الاحتجاج الشعبية الواسعة في البلاد، في حين دوّى انفجار قوي في بغداد ليل الثلاثاء قرب جسر يحتشد عنده المحتجون المناهضون للحكومة، قالت مصادر في الشرطة بغداد إنه ناجم عن قنبلة صوتية ولم يتسبب بأي خسائر بشرية.
وأفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية مساء الثلاثاء بأن قائد عمليات بغداد الفريق ركن قيس المحمداوي قرر رفع حظر التجول الليلي كلياً، وذلك بعدما كانت فرضته قبل أسبوع، وتحداه المتظاهرون، بخاصة في ساحة التحرير وسط بغداد، وغصت بهم الشوارع في ساعات الليل والنهار.
في موازاة ذلك، رفض رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تقديم استقالة الحكومة في ظل غياب بديل، محذراً من الوقوع في فراغ يأخذ البلاد إلى المجهول. وقال عبد المهدي في كلمة متلفزة ألقاها خلال اجتماع مجلس الوزراء إن حركة التظاهرات الحالية بيّنت أخطاء متراكمة منذ عام 2003، معتبراً أن “البطء في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة عبر الأطر الدستورية أفضل كثيراً من الفراغ المحتمل حدوثه”.
وأكد عبد المهدي أن الجميع يقر أن التظاهرات، التي سقط ضحيتها أكثر من 270 قتيلاً حتى الآن، من بينهم 13 في الساعات الـ 24 الماضية، برصاص قوات الأمن، “سلمية، لكن البعض يتخذها درعاً بشرية للتخريب”. ولفت إلى أن القوات العراقية ما زالت في وضع دفاعي، نافياً استخدامها الرصاص.
قطع الإنترنت
وكانت الحكومة العراقية أعادت الثلاثاء قطع شبكة الإنترنت بالكامل في بغداد وجنوب البلاد، حيث دخلت الاحتجاجات الداعية إلى “إسقاط النظام” شهرها الثاني، بعد ساعات من مواجهات قرب مقار حكومية في العاصمة وسط تخوّف من الدخول في دوامة عنف جديدة.
وكانت االحكومة أوقفت الإنترنت ساعات عدة بعد انتصاف ليلة الاثنين، بسبب تصعيد مفاجئ في تحركات المحتجين وسط بغداد تسبّب في اضطرابات واسعة. وعادت خدمات الإنترنت بشكل تدريجي إلى بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية، بعد ليلة طويلة شهدت أحداثاً أمنية عدة، لكن السلطات قطعتها مجدّداً مساء الثلاثاء.
عبد المهدي يدعو إلى تعديلات دستورية
وفيما عقدت اللجنة النيابية الخاصة بإجراء تعديلات دستورية اجتماعها الأول الثلاثاء في قصر المؤتمرات في بغداد، قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، في كلمة ألقاها بعد اجتماعه بمجلس الوزراء والمحافظين، إن “التعديل الدستوري يمكن أن يصل إلى تغيير طبيعة النظام السياسي، وتغيير قانون الانتخابات بالكامل”. وأضاف أن “مجلس الوزراء قدّم تعديلاً لانتخابات مجالس المحافظات يرمي لإنصاف المستقلين”، وأن “ضغط التظاهرات قاد إلى قبول مشاريع مؤجلة تمّ تمريرها بسهولة”.
ووصف عبد المهدي الاحتجاجات المستمرة منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 270 قتيلاً، بالـ”صيحة” التي “شخّصت أخطاء متراكمة منذ عام 2003″، مضيفاً أن “كثيراً من الأخطاء الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لم تعالج بشكل صحيح وجذري”.
وبينما شدّد رئيس الوزراء على ضرورة “الذهاب إلى تحقيق المطالب المشروعة سياسياً واقتصادياً وخدماتياً”، انتقد التخريب والدعوة إلى توقيف الدراسة قائلاً إنه “لا يمكن تعطيل حق التعليم، ولا يمكن تعطيل قطاعات التعليم والصحة تحت أي ظرف”. كما تطرّق إلى تعطيل القطاع النفطي وقال إنه يلحق أضراراً بالغة بالبلاد والمواطنين، ولا يمكن اللجوء إلى الاستدانة مرة أخرى في حال تعطّل قطاع النفط. العراق مطالب بسداد ديونه للخارج وفق توقيتات زمنية لا يمكن الإخلال بها”.
حملة اعتقالات واسعة
قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية، إن “الحكومة العراقية نفذت حملة اعتقالات كبيرة الاثنين في منطقتي العلاوي والصالحية”، مضيفاً أن “شهود عيان أبلغونا بأن ملثمين بسيارات حكومية اعتقلوا متظاهرين كانوا في طريقهم إلى ساحة التحرير”، وهي المركز الأهم لتجمع المحتجين في بغداد.
ولم يتوقف التصعيد من جانب المحتجين صباح امس الثلاثاء. إذ خرج المتظاهرون إلى إغلاق العديد من الطرق الرئيسية شرق وجنوب وشمال غربي العاصمة العراقية، وسط دعوات إلى تنفيذ العصيان المدني.
ونقل عن شهود عيان تأكيدهم أن العديد من الشوارع الرئيسية في مركز العاصمة العراقية شهد حركة محدودة للمارة والعجلات صباح الثلاثاء، فيما سجلت الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات تغيباً كبيراً عن الحضور.
وقالت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، إنها “تؤكد كفالة حرية الرأي والتعبير والتظاهر والتجمع السلمي وتوحيد المطالب المشروعة بما يعزز حقوق الإنسان”، داعية جميع الأطراف إلى “حقن الدماء والبدء بحوار وطني برعاية الأمم المتحدة”.
كما دعت المفوضية “المتظاهرين إلى إدامة زخم التظاهرات في أماكن لا تؤثر في سير المرافق العامة وعدم تعطيلها بما يعزز تقديم الخدمات للمواطنين وكفالة حقوقهم التي كانت أحد مطالب المتظاهرين الأساسية ومراقبة مدى استجابة الحكومة لهذه المطالب والتعاون البناء بين القوات الأمنية والمتظاهرين لحماية الممتلكات العامة والخاصة”.
في غضون ذلك، أبلغت مصادر أمنية عن حملات ملاحقة طالت مدونين في بغداد صباح الثلاثاء، نشروا في وسائل التواصل الاجتماعي دعوات إلى تجديد التظاهرات والإضراب العام في عموم مناطق العاصمة.
وقالت المصادر إن مسلحين يعتقد أنهم ينتمون إلى مجاميع مسلحة ، اقتحموا منازل في جانب الكرخ الثلاثاء، واقتادوا مدونين إلى جهة مجهولة.