خاص
خام -الانبار : تشهد مدن محافظة الانبار كبرى المحافظات العراقية ترديا واضحا في الواقع الزراعي جراء غياب الدعم الحكومي وندرة ماتقدمه الدوائر الزراعية للفلاحين في اقضية ونواحي الانبار بعد تحريرها من تنظيم داعش مطلع عام 2016 .
اكثر من 60% من نسبة الدمار في القطاع الزراعي تسبب بها تنظيم داعش ، وشملت خسارة المزارعين للمعدات والمرشات ومضخات المياه والبيوت البلاستيكية ، ناهيك عن خسارات المحاصيل الزرعية لمواسم عدة
قلة التخصيصات المالية
عضو مجلس محافظة الانبار محمود الدليمي قال في لـ”خام” ، ان”تردي الواقع الزراعي في الانبار خلال الفترة الحالية جاء لعدة اسباب منها قلة التخصيصات المالية التي حددت للدوائر الزراعية واللجان المشرفة على تاهيل وتطوير القطاع الزراعي المدمر بسبب العمليات الارهابية”.
واضاف ان “الواقع الزراعي تعرض لنسبة دمار كبيرة تجاوزت 60 % خلال سيطرة تنظيم داعش على اغلب اقضية ونواحي الانبار عام 2014 وسرقة الالات والمعدات والعجلات الزراعية وتدمير الابار والاحواض وتفجير مضخات مياه السقي”.
وبين ، ان “القطاع الزراعي في الانبار انتعش بشكل كبير في عام 2010 نتيجة الدعم الحكومي والمنح الدولية للمزراعين ، لكن الظروف الامنية الصعبة التي شهدتها الانبار في عام 2014 دمرت كل شيء”.
واشار الدليمي الى ، ان “الواقع الزراعي في جميع مدن الانبار وخصوصا المناطق الغربية للانبر يحتاج الى دعم الحكومة المركزية والدوائر الزراعية لاعادة الزراعة والمساحات الخضراء الى ما كانت عليه وضمان زراعة الخضراوات والفواكة والحنطة والشعير لسد حاجة السوق المحلية”.
التصحر خطر داهم
مزهر الذيابي من دائرة زراعة الانباراكد لـ”خام” ، ان”نسبة الدمار كبيرة في القطاع الزراعي بعد احداث داعش الذي لم يترك اي مساحات خضراء ونهب المرشات ومضخات المياه ودمّر العجلات الزراعية “، مشيرا الى ان “الفلاحين تركوا ارضيهم خلال فترة النزوح والتهجير ما ادى الى تصحر مساحات واسعة ، وارتفاع نسبة الملوحة في الارض ، واتساع ظاهرة الكثبان الرميلة التي باتت قريبة من مراكز المدن ايضا”.
ولفت الى ، ان “مزارعي الانبار بحاجة لصرف تعويضات مالية من اجل تاهيل اراضيهم وشراء المعدات الزراعية والاسمدة والبذور ومكافحة الادغال التي باتت تهدد ما تبقى من المساحات الخضراء في الانبار”.
وشدد بالقول ،ان “القطاع الزراعي في مدن اعالي الفرات ومنها القائم والرطبة وراوه وحديثة وهيت يحتاج لدعم حكومي كبير كون نسبة الضرر اكثر من بقية المناطق الزراعية مع ضرورة دعم هذا الجانب من قبل المنظمات الدولية”.
فساد مالي واداري
تشكل المساحات الزراعية النسبة الاكبر في قضاء الرطبة غرب الانبار ، ويقول المزارع علي المحلاوي والبالغ من العمر 50 عاما ان”الفساد المالي والاداري هو من دمر القطاع الزراعي بوجود السماسرة والمعقبين والشخصيات السياسية المنتفعة من خراب ودمار المزارع”.على حد تعبيره
واضاف لـ”خام” ، ان “الكارثة التي تحدث الان في الرطبة وجود تعويضات مالية خصصت لعدد من الشخصيات السياسية والمتنفذة والتي لا تملك ارض زراعية مطلقا واستبعد الفلاح الحقيقي من هذه التعويضات”.
واوضح ، ان “هناك عجلات والات ومعدات زراعية خصصت لمزارعي الرطبة منذ سنوات منها المرشات ومضخات المياه واسمدة وبذور وبيوت بلاستيكية لكنها ايضا وقعت بيد مافيات الفساد والمتلاعبين بحقوق الفلاحين في الانبار”.
هجرة وعمل بديل
في قضاء هيت ( 70 كم غربي الرمادي) يمسك المزارع ايوب صلبي الذي تجاوز العقد الرابع من عمره بمعولا لشق اخدود في الارض تصل منه المياه لارضه في ناحية البغدادي وحدثنا قائلا ، ان”اغلب الفلاحين باعوا ارضهم او هجروها بحثا عن عمل في المدن والقرى الاخرى ، والقسم الاكبر منهم فضل العمل بالتجارة او بيع السيارات بدلا من زراعة ارضه”.
وقال صلبي لـ”خام” ، ان “العمل في زراعة الارض امر يحتاج لدعم حكومي ومتابعة مستمرة لمحصول الحنطة والشعير ” ، مشيرا الى ان ” ما يقدم من اسمدة وبذور من زراعة الانبار قليل جدا وهو مايدفع المزارع الى شراء ما يحتاجه من المكاتب الزراعية الاهلية وباسعار مرتفعة”.
واكد صلبي ، ان “الفلاح في الانبار لا يمتلك المال الكافي لسد حاجة عائلته فيضطر لترك ارضه بحثا عن عمل في مراكز المدن وفي بغداد كون الزراعة اوشكت على الانتهاء في الانبار “.
تحويل جنس الارض
قضاء القائم الحدودي مع سوريا غرب الانبار ليس ببعيد عن المشاكل والمعوقات التي تواجه القطاع الزراعي المنهار في الانبار بسبب شخصيات متنفذة تعمل على تحويل الاراضي الزراعية الى اراضي سكنية وتجارية .
المحلل الاقتصادي خالد المحمدي قال لـ”خام” ، ان”الواقع الزراعي في الانبار يشهد تراجع خطير ولعدة اسباب منها قلة التخطيط الحكومي وانعدام الخدمات التي يحتاجها الفلاح من الدوائر واللجان الزراعية التي اصبحت تحت رقابة الجهات الرقابية وهيئة النزاهة لتورط بعض من موظفيها بصفقات وعمليات مشبوه”.
واضاف ،ان “هناك جهات سياسية تعمل على تحويل الاراضي الزراعية الى قطع سكنية وتجارية وانشاء معامل صناعية ايضا بشكل غير قانوني، مايعد تجاوزاً على ملكية ونوع الارض المسجلة في الدوائر العقارية”.
واشار الى ، ان “بعض الشخصيات تجني ارباحا كبيرة من تقسيم وتوزيع الاراضي الزراعية الى قطع بمساحات صغيرة لتكون ارضيَ سكنية ، وهذا الامر خطير جدا ويحتاج لمحاسبة قانونية للمخالفين”.
وختم بالقول ،ان ” وجود الفواكة والخضر المستوردة في اسواق الانبار وباسعار منخفضة ادى الى تدهور المنتوج المحلي وتوقف الفلاح عن الزراعة ذات التكلفة العالية ، ولا يمكن تصريف المنتح المحلي بالاسواق بوجود منتج مستورد اقل منه سعرا”.انتهى (1)