خام – متابعات
يحتفل الملايين حول العالم في الأول من أيار/مايو من كل عام بـ”عيد العمال العالمي”، تكريماً لدور الطبقة العاملة وتقديراً لتاريخها الطويل في النضال من أجل العدالة الاجتماعية وحقوق العمل، إذ تعد المناسبة عطلة رسمية في العديد من الدول، وتُحيى بفعاليات نقابية ومسيرات ومهرجانات تعبّر عن المطالب العمالية وتعكس واقع وظروف العمال في كل بلد.
ويرجع أصل عيد العمال إلى نهاية القرن التاسع عشر، وتحديداً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ففي عام 1886، شهدت مدينة شيكاغو احتجاجات واسعة من قبل العمال للمطالبة بتقليص ساعات العمل إلى 8 ساعات يومياً بدلاً من 12 أو 14 ساعة كانت شائعة آنذاك.
وكان أبرز هذه الأحداث هو إضراب الأول من أيار/مايو 1886، الذي تطوّر لاحقاً إلى مواجهات عنيفة في ساحة “هايماركت” في شيكاغو، حيث سقط عدد من القتلى في صفوف المتظاهرين والشرطة بعد انفجار قنبلة مجهولة المصدر، وقد تم إعدام أربعة من قادة الحركة العمالية لاحقاً، رغم ضعف الأدلة ضدهم، فيما عُرف لاحقاً بـ”شهداء هايماركت”.
أسباب التأسيس!
تأسس العيد كتعبير عن التضامن مع العمال الذين ضحوا بحياتهم من أجل تحسين ظروف العمل. وكانت الحركة العمالية تناضل حينها من أجل:
- تحديد ساعات العمل بثماني ساعات يومياً.
- توفير بيئة عمل آمنة وصحية.
- رفع الأجور بما يتناسب مع الجهد المبذول.
- الاعتراف بالنقابات العمالية كجهات تفاوض تمثل حقوق العمال.
وقد أصبح يوم الأول من أيار رمزاً عالمياً لتلك المطالب، وتبنته الحركات العمالية والنقابية في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا وغيرها.
أبرز المحطات في تاريخ عيد العمال:
- 1889: أعلن “المؤتمر الاشتراكي الدولي” في باريس أن يوم 1 مايو سيكون عيداً دولياً للعمال تخليداً لذكرى أحداث شيكاغو.
- 1890: شهد العالم أول احتفال رسمي بعيد العمال بمسيرات وإضرابات في عدد من دول أوروبا.
- 1904: دعا المؤتمر الثاني للأممية الاشتراكية إلى جعل الأول من أيار يوماً إلزامياً للإضراب العمالي السنوي.
- 1955: اعترفت الكنيسة الكاثوليكية بعيد العمال، وخصصت هذا اليوم لتكريم القديس يوسف العامل.
- في العراق: بدأ الاحتفال بعيد العمال في عشرينيات القرن الماضي، ثم أصبح عطلة رسمية لاحقاً، وتحتفل به النقابات العمالية سنوياً بتنظيم فعاليات للمطالبة بحقوق العامل العراقي وتحسين ظروف العمل.
رمزية اليوم في العصر الحديث
رغم تحسن الكثير من ظروف العمل بفضل القوانين والتشريعات، لا يزال الأول من أيار مناسبة لطرح القضايا العمالية مثل:البطالة، عقود العمل المؤقتة، انعدام الأمان الوظيفي، تدني الحد الأدنى للأجور، قضايا المرأة العاملة وحقوقها.
أما في بعض الدول، فيتحوّل اليوم إلى مناسبة احتجاجية تطالب بالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وفي أخرى إلى مهرجان وطني يحتفي بإنجازات العمال.
ختاماً.. يمثل عيد العمال أكثر من مجرد عطلة؛ إنه رمز عالمي للنضال من أجل العدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان العامل، وما تزال رسالته قائمة حتى اليوم في ظل تحديات اقتصادية متجددة تتطلب مزيداً من التضامن لضمان حقوق عادلة للعمال في كل مكان. انتهى ع1